ريم و الرعد

ريم ذات الست سنوات.طفلة مرحة تعلو البسمة دوما محياها.يميزها حس النكتة والدعابة.

في يوم ممطر وبينما هي عائدة من المدرسة اصبحت السماء تبرق وترعد.كان يوما مشهودا في حياة طفلة.

طرقت الباب وقد على وجهها شحوب. كلماتها متقطعة واصيبت بتعتعة.فزعت امها لهول المشهد. تكلمت ريم وعلمت الام انها اصيبت برهاب الظواهر الطبيعية في سن مبكرة.

اوت الصغيرة الى غرفتها ترتعد وتصم اذنيها بيديها الصغيرتين.تصرخ تبكي وتقول:امي احضنيني سيتوقف قلبي ساموت.

نامت الصغيرة بعد جهد جهيد. في الصباح فتحت عيونها الجميلة واطلقت لها العنان تجول في ارجاء الغرفة كانت تتحسس صوت الرعد .فاذا بامها تدخل وتجلس قربها اخذت تداعب شعرهاوهي تقول:هيا يا كسولة انهظى.

اماطت الفراش عن ريم فكانت المفاجاة لقد بللت الطفلة فراشها .وهي اليوم ترفض الذهاب الى المدرسة خوفا من صوت الرعد.فقررت مصاحبتها .

بعد اتهاء اليوم الدراسي خرجت ريم تتلفت يمينا وشمالا.وتنظر الى السماءوقد اعترتهرتها رجفة .كانت تهرول لا تلقي بالا لموطىء قدمها فكانت تسقط ارضا تم تنهظ ثم تسقط مرة اخرى. الى ان وصلت البيت.

صوت الرعد ارهبها فاصبحت تعيش حبيسة حواسها .تتحسس موضع قلبها تحسب دقاته المتسارعة.تحدق باطرافها التي اعترتها رجفة.وتمسك بثياب امها مخافة ان تتركها.

انتهى فصل الشتاء .وزالت الغيوم عن كبد السماء.كسيت الارض بحلة تبث البهجة في النفوس واستعادت ريم حيويتها ونشاطها المعهودين .وعادت لتصبح المحور الذي تدور حوله الاسرة التي لم تكن ملزمة بتشغيل التلفزيون لتروح عن نفسها كفى ان ريم كانت تلفزة من دون جهاز تحكم عن بعد.

انتهت السنة الدراسية وقرر والداها ادخال البهجة على قلبها وطي صفحة سنة اليمة.سافروا جميعا الى مدينة ساحلية .فاصبحت حرة طليقة بين الرمال الذهبية ومياه البحر الزرقاء.كانت تاكل ما لذ وطاب من مثلجات ومشروبات .وكم شيدت من قصور رملية صحبة والديها واخواتها.وكم اتحفت الاسرة والمصطافين بفكاهتها.

ومرة اخرى جاء الدخول المدرسي .ذهبت ريم الى المدرسة كاية طفلة في سنها لا تلقي بالا لشيىء وكان والداها يراقبان سلوكها علهم يلاحظون ظهور اي مؤشر عن احتمال اصابتها بمعاناة نفسية اخرى .مرت الشهور ولم يتغير شيء.كانت ريم في كامل معافاتها مرحة كعادتها.

في يوم من الايام احست ريم ببرد يعتريها فسالت امها قائلة:هل سياتي الفصل الماطر من جديد. اجابت الام :نعم وهو ليس منا ببعيد.طاطات ريم راسها الصغيرة وجلست بعد ان كانت واقفة واسندت وجهها الى كفها وركزت بصرها على موطىء قدمها.قالت الام:فيم تساؤلك يا ريم.

قالت: ساذهب الى المدرسة شريطة الا تمطر.علت وجه الام بسمة ذابلة منبعها الاحساس ببداية المعاناة من جديد .

بقي الحال على ما هو عليه سنتين كاملتين .اصبحت ريم تتخلف عن المدرسة فضعف تحصيلها الدراسي .قرر الوالدان عرضها على اخصائي نفسي .ومع ذلك لم تستطع ريم التغلب على رهابها .فطرقا باب الشبكة العنكبوتية .واتصلا باستشاريين نفسيين من بلدان وملل اخرى لكن الامر ال الى الفشل من جديد

ضاقت الارض بما رحبت بالوالدين .واعتراهم الخوف مما سيؤول اليه حال الطفلة.فاحتسبا الامر لله.

في يوم من الايام جلست ام ريم تقرؤ القران .جاءت ريم كعادتها وجلست في حضنها.وبينما هي تقرا توقفت عند قوله تعالىويسبح الرعد بحمده…)فقالت لابنتها;ارايت يا ريم ان الرعد الذي ارهبك هو مخلوق مثلي ومثلك .قالت ريم :وهل يمشي حافيا وتضربه الماما قالت الام:لا ياريم انه مخلوق نسمع صوته ولا نراه

قالت ريم:لماذا هل يلبس طاقية الاخفاء

اجابت الام:خلق الله المخلوقات فمنها ما نرى كالانسان ومنها من لا تقدر حواسنا ادراكه كالرعد والريح والحرارة والملائكة…فهاته المخلوقات نحس اثرها ولا نراها فسبحان الله

قالت ريم:وهل الرعد يسبح كما تفعلين عقب الصلاة

اجابت الام :ان الصوت الذي يرعبك هو صوت تسبيح الرعد فهل دوي الرعد يخيفك حتى وان كان مجرد تسبيح لله بطريقة مختلفة عن طريقة امك .

قالت ريم وهي تقهقه :يالغبائي. كيف اخاف من صوت الرعد انه مجرد تسبيح.

هرعت ريم الى الشارع تلعب مع صديقات الحي تحت زخات المطر وهي تردد قوله تعالىويسبح الرعد بحمدهوالملائكة من خيفته…).