ذ. لحفاص مونير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ذ. لحفاص مونير

موقع تربوي، تعليمي يهتم بقضايا ثانوية الورود التأهيلية بقلعة امكونة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أمومة( قصة جد مؤثرة/بقلمي

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
nomidiya
ورودي ممتاز
ورودي ممتاز
nomidiya


عدد الرسائل : 76
تاريخ التسجيل : 26/10/2009

أمومة( قصة جد مؤثرة/بقلمي Empty
مُساهمةموضوع: أمومة( قصة جد مؤثرة/بقلمي   أمومة( قصة جد مؤثرة/بقلمي I_icon_minitime2009-11-19, 16:36

تساعدها على الجلوس داخل السيارة في عطف مصطنع،و فتحت هي الباب الأمامي لتجلس في انتظارقدوم زوجها الذي ما يزال منهمكا في ترتيب الحقائب.
دخل هو الآخر،أقفل الباب بعنف حتى خيل للمارة أنها تكسرت.كانت تبدوعليه ملامح الحسرة والقلق.
لقد استطاعت أن تتغلب عليه و تقنعه بضرورة أخذ أمه العجوز التي لا حول لها و لا قوة إلى دار لرعاية المسنين،تمسكت برأيها منذ أن حملت بطفلها الأول الذي لم يتجاوز خمسة أشهر بداخل أحشائها،أخبرته أنها لن تستطيع رعاية أمه المريضة بعد مجيء هذا الطفل إذ ستتضاعف لديها المسؤوليات،خصوصا و أن طلباتها لا تنتهي.
نجحت في خطتها التي رسمتها منذ أن تزوجته،رغم قبولها قبل الزواج لشرط الإهتمام بها.
جملة مازال يتذكرها:"سأعاملها مثل أمي رحمها الله أو ليست خالتي"،نعم هي أم زوجها و شقيقة أمها و مع ذلك لم تشفق عليها و لا حن قلبها اتجاهها.
هي الآن سعيدة فرحة بانتصارها،الشرر ينبعث من عينيها غير مكترثة بشيء،لا يهمها ما يحدث بداخله من اضطراب،أخذت تعالج المسجل لتضع شريط الأغاني،تريد الاحتفال بنشوة الانتصار،ربما،يرقص قلبها،و تهتز عظامها،و تتلوى عضلاتها،ترقص رقصة شيطانية من كثرة السعادة.
لم تشعر حتى مدت يد نحو الشريط،خطفه منها كالمجنون و رمى به خارجا.ربما،أحس بطعم الانتقام لنفسه بالثورة،بالرفض والشجب لما يحدث له.
أدار مقود السيارة بطريقة هستيرية و ذهنه مملوء بكثير من الأفكار والذكريات،لم يتوقع في حياته أنه سيقف يوما ما هذا الموقف الذي لا يحسد عليه.
و الذكريات لا تريد أن تتركه وشأنه،تذكر طفولته،كم كان شديد التعلق بأبيه،ولما بلغ سن العاشرة،توفي هذا الأخير لينقل تعلقه بأبيه المرحوم،إلى أمه التي ترملت في ريعان شبابها،والتي وهبت حياتها في خدمته والسهر على راحته،كثيرا ما يقول لها:"لماذا لا يوجد معنا رجل كبير يحمينا مثل أبي؟"،فتخبره بابتسامتها الوديعة:"أنت رجلي،أنت حياتي."
لم تبخل عليه بشيء،بل أنفقت عليه كل ما ترك لها زوجها في الدراسة.
لما حصل على الباكلوريا خطر له في البال أن يهاجر إلى أوروبا كي يتم دراسته،فنزل عليها هذا الخبر كالصاعقة،بكت و صرخت:"لن أستطيع العيش بعيدة عنك،أتريد أن تقتل أمك؟".
مضى عليها شهر في حزن عميق و هي تحاول أن تجبره المكوث بجانبها حتى انصاع لطلبها،اختار المدرسة العليا للصيدلة بالعاصمة التي تبعد عن مدينته بحوالي مائتي كيلومتر،حيث كان يعود لزيارة والدته كل نهاية أسبوع و كذا أيام العطل.
ولما تخرج صرفت ما تركه لها والدها من ميراث لفتح صيدلية في حي راق بمدينته.
كل ذلك بفضل مساعدتها و دعواتها التي لا تكف ولا تنقطع.و أضحت تفتخر بابنها الصيدلي أمام صديقاتها و معارفها بعد أن تيقنت أن جهدها و صبرها أعطى ثماره الطيبة.
إلا أن المسكينة لم يسلم جسمها من العلل،فقد أتعبها مرض السكري كثيرا حتى أنهكها،و ساهم ارتفاع الضغط في ذلك إلى أن فقدت بصرها بالتدريج،بالرغم من ذلك كانت جد متفائلة،محبة للحياة،قليلا ما تشكو ألما أو وجعا،كانت دائما تقول له:"أنت عيناي التي أرى بهما".كانت تحس بفرحه قبل أن يتحدث،و ينقبض قلبها عندما يصيبه مكروه وهو بعيد عنها.عجيب قلب هذه الأم.
هل فعلا هو مغلوب عن أمره؟كان بإمكانه أن يصر على مكوث أمه معه،لم انهزم أمام إلحاحها؟يعترف أنه رجل جبان،حقير،ابن عاق لم يحفظ واجباته نحو والدته،هي التي أرضعته حولين كاملين،سهرت الليالي عند رأسه تراقب ارتفاع حرارة بدنه،حملته بين ذراعيه و فوق ظهرها،ساعدته على انجاز الخطوات الأولى برجليه الصغيرتين،أطعمته،سقته،نظفت ملابسه،ربته،علمته،هل أنكر كل هذا الجميل؟تحملت ضعف بدنه سنوات،لماذا لم يستطع هو تحمل كبر سنها؟و هزالة جسمها؟أهكذا يرد المعروف؟
هنا تذكر قول الله في كتابه العزيز،كيف أنه سبحانه حث على البر بالوالدين،و كذا أحاديث الرسول صلى الله عليه و سلم التي يوصي فيها بطاعتهما و العناية بهما خصوصا الأم.فأين هو من هذا كله؟و هو وحيدها لم تنجب غيره.كانت تقول له:"أنت أول فرحتي و آخرها،و ستتجد فرحتي عندما أرى أبناءك."وقد فرحت عارمة عندما أخبرها بأنها عما قريب ستصبح جدة.
السيارة تخطو بعجلاتها خطا حثيثة،و عقله شارد لم يعد يقوى على التركيز،أحس بوخز في صدره،بقرحة في معدته،بألم في قلبه،بأوجاع في كل موضع بجسده.كذب عليها ،أخبرها أنه سيسطحبها إلى مركز استشفائي لتمكث هنالك لبضعة أيام من أجل إجراء فحوصات و تحليلات طبية.لم توافق بادئ الأمر،إلى أن أقنعها بجدوى هذه الزيارة،حز في نفسها فراق ابنها و بيتها،و قالت في نبرة فيها أسى عميق:"من سيعطيني حقنة الأنسولين هناك مرتين كل يوم،و أنا التي ألفتها منك منذ عقد من الزمان."تركها خرج هاربا و قد امتلأت عيناه بالدموع،بينما أخذت هي تتحسس مكانه بيديها المرتعشتين،فأجهشت في البكاء.
في خضم بحر من الأفكار،حاول عبثا تجاوز سيارة أمامه،لم ينتبه للشاحنة القادمة من الاتجاه المعاكس،سمع صوت زوجته تحذره:"انتبه.....انتبه....."حاول تدارك الموقف في ارتباك مع المقود،فقد السيطرة على السيارة.
لقد كانت في أبهى حلة،ترتدي فستانا طويلا أبيضا،مطرزا بالأخضر،تتدلى على ظهرها ظفيرة لشعر أسود،تتمشى في بستان جميل،لم يسبق له أن رأى طبيعة في مثل هذا الجمال.كانت مبتسمة ضاحكة،تلك الإبتسامة الوديعة التي فقدتها منذ أن فقدت بصرها،أثر الصحة و النقاء بادية على وجهها.فرح لرؤيتها على هذه الصورة،إلا أنه استغرب لما لاحظ أنها تبصر،لم يتردد هنيهة،سألها بكل اندهاش:"إنك تبصرين يا أمي،إذن بإمكانك رؤيتي؟"أجابته والبريق يتلألأ في عينيها:"أجل يا بني،"ثم انحنت عليه في رفق و حنان،وهمست له في أذنه:"سأشتاق إليك حياتي....إعتني بنفسك..."قبلته في جبينه،ثم انصرفت.أخذ ينادي :"إلى أين....؟؟؟؟؟..لا تتركيني....أرجوك....عودي.....عودي........"
استيقظ على صوت يقول:"هل أنت بخير؟"فتح عينيه بصعوبة ثم أقفلهما،أعماه شعاع الضوء،ثم عاد و فتحهما بمشقة،و كأنه يبصر لأول مرة،عاد نفس الصوت ليكرر نفس الجملة،"هل أنت بخير؟".حاول أن يتذكر ما حدث،لم يسعفه رأسه من إفراغ ذاكرته المملوءة عن آخرها،لم يبق بين عينيه سوى صورة والدته في فستانها الأبيض النقي،لقد كانت تبصر،و قد قبلته،أجل،هنا،على جبهته،إنه يتحسس الموضع،و يستشعر تلك القبلة،كم اشتاق إليها!!!!!
نهض من على سريره،و هو ينادي:"أمي....أمي....لن أتركها بعد الآن...سأعيش بقربها ما حييت....و ستعيش في ظلي إلى الأبد......لن يفرقنا بيننا شيء سوى الموت...سأبحث عنها .."حاول الطبيب جاهدا بمساعدة ممرضتيه التهدأة من روعه،بإعطائه حقنة تساعده على النوم و الخلود للراحة.
و في اليوم التالي،أتى الطبيب لزيارته،قاس له الضغط،و سأله عن حالته،ثم طلب منه أن يستمع إليه بكل اهتمام،و بينما الإبن مستلق يصغي بهدوء،أخبره الطبيب بكل حزن أن والدته توفيت إثر الحادث لتدهور حالتها الصحية.أما الزوجة نجت بأعجوبة إذ أجهضت مما خلف لديها نزيف داخلي حاد،لم ينفع معه علاج سوى استئصال الرحم.
تصمر في مكانك،لا يقوى على أي رد فعل،في ذهول و عدم تصديق لهول الصدمة،أحس و كأن دماغه تعطل،قلبه يتمزق،حركاته شلت،حواسه انطفأت،إلا أن تلك الصورة لأمه ما تزال عالقة في ذهنه،حاضرة أمام عينيه،بفستانها الأبيض النقي.
بقلم نوميديا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد الله عبد المنعم
ورودي ممتاز
ورودي ممتاز
عبد الله عبد المنعم


عدد الرسائل : 93
الهواية: : التجويد والمطالعة والمغامرات..
الجنس: : ذكـــــــــــــــــــــــر
تاريخ التسجيل : 20/12/2008

أمومة( قصة جد مؤثرة/بقلمي Empty
مُساهمةموضوع: رد: أمومة( قصة جد مؤثرة/بقلمي   أمومة( قصة جد مؤثرة/بقلمي I_icon_minitime2009-12-01, 05:13

السلام عليكم
بارك الله في القلم الذي خط هذه القصة
وأتوجه الى العلي القدير أن يصقل موهبته فيما يحب ويرضى..
كما ندعوه وهو القائل "ادعوني أستجب لكم" أن يقدرنا على الايفاء بجزء يسير من حقوق أمهاتنا علينا..ونتضرع اليه أيضا أن يجعلنا من الفائزين برضاهن..ان شاء الله تعالى.
وأعود لأقول ميمما قولي نحوك يا nomidiya ..لا تترك الكتابة والتأليف مهما حدث..ولا تحتقرن أسلوبك مهما كان أو يكون به من خلل..وكفاني تذكيرا لك أن الاخطاء والاختلالات لا بد لكل شخصية سوية وعظيمة أن تمر بهما..بارك الله فيك



وصلى الله على محمد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nomidiya
ورودي ممتاز
ورودي ممتاز
nomidiya


عدد الرسائل : 76
تاريخ التسجيل : 26/10/2009

أمومة( قصة جد مؤثرة/بقلمي Empty
مُساهمةموضوع: رد: أمومة( قصة جد مؤثرة/بقلمي   أمومة( قصة جد مؤثرة/بقلمي I_icon_minitime2009-12-31, 15:15

السلام عليكم
لك جزيل الشكر،بارك الله فيك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أمومة( قصة جد مؤثرة/بقلمي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ذ. لحفاص مونير :: منتديات مواهب إبداعات الحروف :: منتديات إبداعات القصة القصيرة-
انتقل الى: