ليس عجيباً أن سَرَبت إلى المسلمين كثيرٌ من أنماط السلوك لدى المجتمعات الغربية، ولكن الأعجب تسرّب ما هو من شعائرهم الدينية، ومعتقداتهم النصرانية، ويتشربها المسلمون عن جهل أحياناً، وعن تساهل أحياناً أخرى.
ومن ذلك احتفالاتهم بأعيادهم، ومنها عيد الميلاد الذي ساهمت القنوات الفضائية - والتي يحتل النصارى فيها مواقع مؤثرة - في جعل هذه الأعياد مناسبات لهو وإلهاء، بحيث اندفع إلى الاحتفاء بها قطاع واسع من فتيان المسلمين وفتياتهم، مدفوعين بحب اللهو وتكثير مناسبات السرور (إن الشباب حجة التصابي) غافلين عن البعد الديني لهذا العيد، والموقف الشرعي من هذه المشاركات.
وتظهر هذه الحفاوة بعيد الميلاد لدى هؤلاء الفتيان والفتيات على صور منها:
1- تبادل التهاني.
2- إرسال بطاقات التهنئة.
3- تبادل الهدايا بهذه المناسبة.
4- إقامة الحفلات، سواء المآدب الساهرة، أو حفلات الشاي.
5- إعطاء الأطفال اللعب والحلوى بهذه المناسبة.
6- لعب الأطفال بالألعاب النارية.
7- تعطيل العمل في ذلك اليوم، وترك الدراسة.
8- الاتصال على البرامج المباشرة في القنوات، وإهداء الأغاني للأقارب والأصدقاء بهذه المناسبة.
9- السهر الصاخب ليلة عيد الميلاد.
10- حضور الاحتفالات التي تقام في الفنادق والنوادي وغيرها، وربما سافر البعض إلى البلدان التي تبالغ في هذه الاحتفالات للظفر بما يصاحبها من لهو ومتعة.
إلى غير ذلك من أنواع الحفاوة بهذا العيد ومظاهر الاحتفال به.
ويتفاوت قدر المشاركة وسعتها بين مجتمع وآخر، حتى وصل الأمر ببعض المجتمعات الإسلامية أن تعيش صخب أعياد الميلاد، وتتفاعل معها ثم تمرّ بها أعيادها الشرعية خافتة باهتة، لا يكاد يحسّ بها إلاّ زوّار المقابر.
ولقد حذّر من ذلك شيخ الإسلام ابن تيميّة قبل نحوٍ من سبعمائة سنة، ثم وصفه الأستاذ أحمد حسن الزيّات فقال في كلمة له في مجلة الرسالة بعنوان (أعيادنا): "الأعياد الأجنبية التي تشهدها مصر في عيد الميلاد ورأس السنة غاية في نعيم الروح والجسم، وآية في سلامة الذوق والطبع، وفرصة ترى فيها القاهرة وهي - متبرجة - كيف تفيض الكنائس بالجلال، وتزخر الفنادق بالجمال، وتشرق المنازل بالأنس، وتمسي الشوارع وبيوت التجارة مسرحاً للحسن، ومعرضاً للفن، ومهبطاً للسرور، وتصبح أعياد القلة القليلة مظهراً للفرح العام، ومصدراً للابتهاج المشترك".